هو
منهج يعمل على تنمية وإكتساب أي مهارة أو معلومة أو سلوك تجعل الإنسان يشعر بالرضا
والسلام الداخلي وتعينه على التركيز على أهدافه في الحياة وتحقيقها وتعِدّه وتجهزه
للتعامل مع أي عائق يمنعه من تحقيق تلك الأهداف. ومعلوم أن أسمى أهداف الإنسان المسلم
وغاياته هو الوصول إلى الجنة ولابد أن يصرف حياته كلها في سبيل هذا الهدف لذا فمن المفترض
أن يكون هذا الهدف أول الأولويات وأن تقاس باقي أهداف الإنسان من حيث أهميتها على هذا
الهدف. فالسعي لتحصيل المال كهدف مثلاً لابد أن يتماشى مع هذه الغاية "أسمى الأهداف" في الوصول للجنة وكذلك الأمر مع أي هدف دنيوي آخر.
وتطوير الذات لا يخرج عن مقاصد الشريعة فلا يطلب الإنسان تطوير نفسه بما لا يتفق مع
الثوابت الشرعية. وتطوير الذات لا ينفك عن تزكية النفس والوصول إلى كمال الإيمان وتطهير
النفس بل هو حالة خاصة من تزكية النفس فهي الأصل الذي يسعى إليه كل مؤمن عاقل وهو مهمة
مستمرة دائما لا تتوقف عند حد أو عمر.
الإنسان
الناجح هو الذي يدرك كمية وقيمة الطاقات التي أودعها الله سبحانه وتعالى فيه وبناءاً
على حجم هذا الإدراك يتخذ القرار المناسب حول كيفية استخدام هذه الطاقات ومن ثم يقيم
هذا الاستخدام. ومما لا شك فيه أن الصورة التي يرسمها الإنسان عن نفسه هي الدافع الحقيقي
وراء مجموعة السلوكيات الصادرة عنه فطريقة عمل النفس البشرية، كما يقرر المختصون، معقدة
ومركبة لأن كل إنسان له مجموعة من المبادئ والقيم التي تتحكم في طريقة تفكيره ومن ثم
مشاعره ورغباته والسلوك الصادر عنه.وبناءاً على ما سبق فتطوير الذات هو "عملية
تحويل أو تحول هذه الذات إلى الأفضل".
إن
التطوير الذاتي له مدلولات كثيرة فتربية النفس هو تطوير لها، وإدارة الإنسان لذاته
إدارة إيجابية هو تطوير وارتقاء بالإنسان، وتطوير ذاته التعليمية هو قيامه بواجباته
الدراسية والحفظ والمذاكرة، كذلك اهتمامه بالنظافة تطوير لذاته الجسمية، ومسعى الإنسان
للبحث عن الرزق هو تطوير لذاته المعيشية وهكذا...
ومن
الواقع أن يتم تطوير الإنسان تلقائيا منذ ولادته فتقوم الأسرة والمدرسة والمجتمع بتطوير
الإنسان وتربيته وتنشئته على الأخلاقيات وتعويده على تطوير ذاته. لكن - تدخل الإنسان
في تطوير ذاته هو من أهم وأجل الأعمال التي يقوم بها للوصول إلى غاياته الكبرى. وقد
أكد أفلاطون في فلسفاته أن تربية الإنسان لذاته لها وقعها في النفس أكثر بكثير من تربية
الآخرون له. وحقيقة أنه من العار في زمننا أن يقول أحدنا حينما يصف سلوكياته السلبية
أن هذا ما تربى عليه !! أين إذن إرادة التغيير ؟؟ وأي فائدة ترجى منه ليغير الآخرين
أو يؤثر فيهم إن لم يقو على نفسه وذاته؟؟.إن أول خطوات هذه العملية الصعبة هي الإيمان
بإمكانية تطوير الذات، فأنت ما تعتقده عن نفسك.
فإذا
اعتقدت استحالة تطوير نفسك فأنت بالتالي تجعل هذا التطوير مستحيلاً.هنا تكون قد سلمت
نفسك للإحباط والأحاسيس السلبية التي ستهدمك من الداخل تدريجيا، إن هذا التطوير ينطلق
من الذات ..أي من إرادة ذاتية في التغيير والتطوير فمهما حضرت من دورات ومهما دفعت
من أموال : إن لم يكن الدافع من ذاتك لن تكسب شيئا أبدا.
وإذا
ما تحقق هذا الإيمان بإمكانية التطوير،ثم يأتي الدور على الإيمان بما سيحدثه هذا
التطوير في حياتنا من تغييرات إيجابية وقفزات نحو الأمام على جميع الأصعدة
فالتطوير يعني : تطوير للروح بالتربية، وتطوير للعقل بنور العلم والمعرفة، وتطوير للنفس
بكريم الخلق، وتطوير للفكر بالثقافة، وتطوير لعلاقاتنا مع الآخرين من خلال فهم ذواتنا
أولا ثم تقبل الآخر كما هو ثانياً، وتطوير لجملة المهارات باكتساب المزيد منها. فإذا
علمنا أن هذه النواحي جميعاً تشكل تقريباً الأعمدة الرئيسية لمناحي الحياة المختلفة،
أدركنا قيمة التطوير وأهميته.
ومن
هذا المنطلق يتضح أهمية تطوير الذات، وقد تسابق علماء الإدارة والأخلاق والنفس والاجتماع
في تأليف الكتب وإعداد المحاضرات في أهمية الذات إذ أن تطوير الذات مهم سواء على المستوى
الفردي أو المجتمع .. ولا يمكن أن يستقيم وضع الأفراد والأسر والمجتمعات ما لم يكن
تطوير الإنسان لذاته بشكل فعال ومستمر.
ولا
شك أن الله سبحانه وتعالى أودع في ذات كل إنسان مهارات وقدرات ( لمن يكتشفها
ويعرفها ) يجعلها تساهم في تطويره لذاته فسبحان من كرّم بني آدم وجعله قادرا على تطوير
ذاته والسمو بها.
سلمت يداك يا أبو محمد
ردحذفبس ترى المدونة بكل ما فيها من روعة تصميم للحين تبي مواضيع أكثر.
ربي يوفقك
ألف شكر على مرورك وتشريفك وبالفعل المدونة تحتاج مواضيع أكثر وقريبا مواضيع جديدة إن شاء الله وبالمناسبة بإمكانك الكتابة في المدونة وستكون المواضيع بإسمك.
ردحذف